بعض مكتبات النجف الأشرف

بدأت الحركة الثقافية فيها بدخول الشيخ الطوسي حيث جاء من خراسان شادا الرحال باتجاه بغداد ثم هاجر إلى النجف وبقي فيها حتى توفي عام 460 هجرية، ألّف مجموعة من الكتب المرجعية المعتمدة عند الطائفة الشيعية وتولى الاجتهاد في النجف كأول مرجع ديني ثم بعد وفاته توالت المرجعيات واستمرت حتى يومنا هذا. وأثر ذلك بنيت المدارس الدينية وظهرت الحوزة فيها وانتشرت المكتبات العامة والخاصة وكون النجف مدينة الإجتهاد والمرجعية انتشرت فيها المؤسسات الثقافية التي احتوت على مكتبات مميزة منها:

  • مكتبة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): مكتبة عامة أسسها العلامة الشيخ عبد الحسين الأميني عام 1953م وتقع في محلة الحويش، نهاية سوق الحويش، فيها قسم للمخطوطات وقسم للدوريات، وأقسام أخرى، تحتوي على أكثر من نصف مليون كتاب مطبوع ومخطوط ودوريات، يذكر إن عدد المخطوط (4000) عنوان، وفيها من النفائس النادرة من الكتب أضيفت إليها مكتبات خاصة مهداة هي (مكتبة الحاج محمد سعيد شمسة، مكتبة الشيخ هادي الأسدي، مكتبة الشيخ محمد رضا الغراوي، مخطوطات السادة الجزائري، مكتبة الشيخ حسن الخاقاني).
  • الخزانة العلوية: والتي باتت تعرف اليوم باسم (مكتبة الروضة الحيدرية) فهي من أقدم هذه المكتبات، ويعود تأسيس هذه المكتبة إلى القرن الرابع الهجري، حيث ذهب البعض إلى أنّ مؤسسها وواضع لبنتها الأولى هو عضد الدولة البويهي - وهو من أهم حكام الأسرة البويهية التي حكمت العراق وبلاد فارس، استمرت حكومته من سنة (338 ـ 372هـ) وكانت دولته واسعة الأطراف شملت العراق المعروف اليوم كلّه وبعض المناطق الأخرى.

وامتازت هذه المكتبة عن غيرها بما فيها من كتب ونفائس كثيرة ونادرة كــان أغلبهــا بخـط مؤلّفيهــا أو عليها خطوطهــم، فكـــانت محط أنظــار أهل العلم حتى زارهــا جماعة من المؤرّخين والرحّالـة كإبن بطوطة (727 هـ) وغيره، وقد زارها الشيخ علي حزين اللاهيجي المتوفى سنة (1180 هـ) عندما جاء إلى النجف الأشرف ومكث فيها ما يقارب ثلاث سنوات وقال عنها: (قد اجتمع في مكتبته (عليه السلام) من كتب الأوائل والأواخر في كل فن مالا أتمكن من عدِّهِ).

ويمكن أن نوجز أهمّ الأسباب التي أدّت إلى شهرة هذه المكتبة في النقاط الآتية:

1- تشرّفها بالانتساب إلى مرقد باب مدينة علم النبي (صلّى الله عليه وآله) وحامل راية الإسلام الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) ومجاورته.

2ـ اهتمام العلماء والمؤلّفين بها.

3ـ وجود الحوزة العلمية.

4ـ وجود المدرسة العلوية داخل العتبة المقدسة.

  • مكتبة جامعة النجف الدينية: اسست هذه المدرسة في محلة (حي السعد) احدى محلات النجف الواقعة على طريق (الكوفة والنجف) وشيدت على أرض مساحتها (5000) متر مربع وقد شرع في بنائها في سنة 1376 هـ واستمر التعمير حتى سنة 1382 هـ.

وقد كانت فكرة تأسيسها والقيام بتنفيذ هذا المشروع تعود للسيد محمّد الموسوي الشهير (بكلانتر)، أما الباذل على تعميرها فهو المحسن الحاج محمّد تقي اتفاق الطهراني وقد أنفق عليها من خالص ماله وليس من الحقوق الشرعية وأرصد لها مبلغ (150) ألف دينار عراقي، أما ما أنفق عليها من الضروريات والكماليات بعد اكمالها فقد كان كثيراً جداً، وقد اشتريت أرض المدرسة، وعمرت وسجلت بالطابو باسم المباشر السيد محمّد كلانتر.

أما نفقاتها الحالية ونفقات طلابها فانها تجري من نفس المؤسس ومن بعض تبرعات المحسنين، وفي نية المؤسس أن يوقف لها ولاعاشة طلابها موقوفات من أملاك وأراض زراعية تدر عليها وعليهم سنوياً ما يضمن لها ولهم سد الحاجة كما عين للطلاب نظراً لبعدها عن الصحن وحوزات التدريس في داخل البلد سيارة ذات (24) مقعداً تحمل الطلاب من المدرسة إلى الصحن ثم تعود بهم إلى مدرستهم كل يوم صبحاً وعصراً وليلا.

  وهذه المدرسة تحتوي على (208) غرف للسكن قائمة في ثلاثة طوابق عدا الطابق الأرضي الذي هو عبارة عن سردابين يقعان تحت بناية العمارة، وثلاثة سراديب واسعة اُخرى تقع تحت صالوناتها وفيها مرافق واسعة للطبخ والغسيل.أما الطابق الأول فمنه مدخل المدرسة وعلى يمين الداخل إلى المدرسة شيدت مكتبة بمساحة (225) متراً مربعاً في طابقين.

وقد وضعت قماطر الكتب في الطابق العلوي، وأما المساجد السفلى فهي للمطالعين يجلسون على كراس ومناضد خاصة اعدت لراحتهم، وعلى يسار الداخل يقع مسجد الجامعة البالغة مساحته (225) متراً مربعاً اُعد لأداء الصلوات الخمس والتدريس، والبحث والحفلات الدينية الخاصة، وبجانب هذا المسجد غرفة لقلم الجامعة تقع تحتها مقبرة خاصة للمؤسس وعائلته وللمتولي الفعلي السيد محمّد كلانتر وحده. وفي وسط المدرسة ساحة كبيرة وفي جانبها رديفان من الغرف يفصل بينهما صالون كبير ومثله في الجانب الغربي من الساحة كماترى في الجانب الشمالي والجنوبي غرف أمامها ايوانان كبيران مسقفان، ومجموع غرف الطابق الأول (62) غرفة وفيه ثمانية حمامات واثنتا عشرة مغسلة أما الطابق الثاني فيشتمل على (54) غرفة وثلاث قاعات للتدريس تقع في الجهة الغربية منها، وفي جهتي هذا الطابق الغربية والشرقية صالونان كبيران بين رديفين من الغرف كالطابق الأول وفيه ثماني حمامات واثنتا عشرة مغسلة.أما الطابق الثالث وفيه (92) غرفة وصالونان كبيران في الشرق والغرب يتصلان أيضاً بين رديفين من الغرف كالسابق وفيه أيضاً ايوانان وسيعان شمالا وجنوباً وثالث دائري مسقف في جهة الشمال.والمتولي لاُمورها هو السيد محمّد كلانتر بالوكالة عن مؤسسها ومتوليها الأصلي والمدرسة مقيدة بأنظمة الامتحانات ويمنح الناجح منهم بدرجة الامتياز زيادة في راتبه ومخصصاته وتعتبر هذه المدرسة اليوم أفخم وأوسع مدرسة بنيت في تأريخ مدارس النجف.

  • مكتبة الأمام الحكيم: مر تأسيس (مكتبة الإمام الحكيم العامة) بمرحلتين هما:

المرحلة الأولى: كان في فكر السيد الحكيم (قدس سره) إنشاء مكتبة يستفيد منها طالب العلم والمثقف والعالم على السواء، فبادر في سنة 1375هـ = 1955م إلى شراء دارين متصلتين بـ(مسجد الهندي) لغرض توسيع المسجد، واستثنى منهما الجانب الشمالي الخارج عن سمت المسجد فوقّف أسفله (مقبرة) له ولأولاده الصلبيين، والطابق الأرضي والأعلى مكتبة عامة، سميت باسمه الشريف، وتأريخ تأسيسها كان في سنة 1377هـ = 1957م،

المرحلة الثانية: على أثر وصول أعداد كبيرة ومهمة من المطبوعات من كل حدب وصوب، ضاق المكان الأول عن استيعابها، فقرر سيدنا شراء قطعة أخرى متصلة بالمسجد والمكتبة، وبالفعل تم ذلك وبوشر بالبناء من جديد على وفق الطراز الحديث ولم تتعرض المكتبة لأي ضغوط في زمن الإمام الحكيم، بل كانت من أزهى فتراتها من حيث الرفد المعنوي والمادي، ومن المعروف لدى الكل أن النظام المباد سعى حثيثاً إلى طمس الهوية والثقافة الإسلامية بكل ما أوتي من قوة، وسعى جاهداً لهدم صروح لا زالت مناراً يهتدي بها السائرون، فابتدأ بملاحقة العلماء و الخطباء والمثقفين، واتجه إلى غلق المدارس الدينية، واعتقال وقتل العلماء، وشرّد الكثيرين، ومنع الشعائر الدينية بكل حجة تافهة.

  • مكتبة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء العامة وهي مكتبة أهلية عامة يقصدها القراء والباحثون تقع في مقابل باب الصحن بمجاورة جامع الطوسي, وقد أسسها الشيخ علي الشيخ محمد رضا, وقد تجمعت فيها الكتب النادرة بجهود الشيخ علي ولما توفي عام 1350هـ (1931م) آلت إلى أولاده وتولى امرها الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء, نقلها من مكتبة خاصة إلى مكتبة عامة وهي موجودة الآن تضم في رفوفها أبرز المخطوطات والكتب النادرة تبلغ مخطوطاتها اليوم (2000) مخطوطة أضيف إليها المتبقي من مخطوطات مكتبة مدرسة دار العلم للسيد الخوئي, بعد أن هدمت أيام النظام السابق وكذلك خزانة مخطوطات السيد البروجوردي. ومثال مخطوطاتها الحصون المنيعة وطبقات رجال الشيعة ورياض العلماء وغيرها.

  • مكتبة مدرسة الصدر الأعظم: تقع في بناية مدرسة الصدر الواقعة في مدخل السوق الكبير أسسها الحاج محمد حسين خان الأصفهاني المعروف بالصدر الأعظم في النصف الأول من القرن الثالث عشر الهجري، مكتبة عامة لفترة من الزمن زودت بالكتب والمصادر لكنها فقدت الكثير من مخطوطاتها وكتبها النادرة وأصبحت ضئيلة قليلة الذكر.
  • مكتبات مؤسسات الثقافة والعلوم والمعارف: مكتبة مؤسسة الحكيم الوثائقية، مكتبة مؤسسة تراث بحر العلوم، مكتبة مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية فرع النجف).
  • مكتبات جامعة الكوفة: وتضم مكتبة كلية علوم الحاسبات والرياضيات، كلية التمريض،مكتبة كلية القانون،مكتبة كلية الصيدلة،مكتبة كلية التربية،  مكتبة كلية الهندسة،مكتبة كلية التربية الرياضية،مكتبة كلية طب الأسنان) التي تحتوي على الآلاف من الكتب المطبوعة والكتب الالكترونية.

فضلاً عن مكتبات الجمعيات والمنتديات الثقافية التي تحتوي على الآلاف من الكتب المطبوعة والمخطوطات الاثرية.