خطباء منبر من النجف الأشرف

أ - الشيخ أحمد الوائلي.

ولد الشيخ أحمد الوائلي في  النجف، يوم السابع عشر من شهر ربيع الاول 1347 هـ  / سبتمبر 1928م. في مدينة  النجف أبرز المعاقل العلمية لدى الشيعة الأمامية، وقد كان لنشأته في هذه البقعة الأثر الكبير على حياته، حيث جمع الدراستين الحوزوية والأكاديمية.

فبعد أن أنهى تعليمه النظامي في سنة 1952 م، حصل على البكالوريوس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية، وذلك بعد أن التحق بكلية الفقه التي تخرج منها سنة 1962 م، ثم حصل على شهادة الماجستير في العلوم الإسلامية من معهد الدراسات الإسلامية التابع لجامعة  بغداد وكانت رسالته تحت عنوان (أحكام السجون بين الشريعة والقانون) سنة 1969 م، ثم حصل على شهادة الدكتوراه من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة عن أطروحته (استغلال الأجير وموقف الإسلام منه) سنة 1972 م. وأكمل أبحاث ما بعد الدكتوراه ليحصل على درجة الأستاذية ليدرس الاقتصاد حاصلا على الدبلوم العالي من معهد الدراسات والبحوث العربية التابع لجامعة الدول العربية عام 1975 م. وأما بالنسبة إلى الدراسة الحوزوية الإسلامية، فقد درس علوم القرآن   وحفظ آياته في الكتاتيب من قبل أستاذه الشيخ علي قفطان في مسجد الشيخ علي نواية على سفح جبل الطمة بالنجف.

ومن ثم درس مقدمات العلوم العربية والإسلامية كاللغة العربية وعلومها و الفقه والعقائد والأخلاق

كان أساتذته في هذه المرحلة كل من: الشيخ علي ثامر - الشيخ عبدالمهدي مطر - الشيخ هادي القرشي. ثم أتم مرحلة السطوح العليا بدراسته لأصول الفقه والفقه المقارن والفلسفة والمنطق، ومن أساتذته في هذه المرحلة: الشيخ علي سماكة - السيد علي مكي العاملي - السيد محمد تقي الحكيم - الشيخ علي كاشف الغطاء - الشيخ محمد حسين المظفر - الشيخ محمد رضا المظفر - الشيخ محمد تقي الايرواني. ثم مرحلة البحث الخارج بحضور المباحث الفقهية ومباحث الأصول الفقهية لكبار المجتهدين من المراجع في وقتها أمثال أبو القاسم الخوئي و السيد محسن الحكيم و السيد محمد باقر الصدر.

وبعد سيطرة صدام على حكم العراق سنة 1979م اضطر الشيخ الوائلي للهجرة خارج وطنه العراق كغيره من رجال الدين والمثقفين الذين كان يستهدفهم نظام صدام. وقد قضى الوائلي 23 سنة من عمره في المهجر قضاها متنقلا ما بين سوريا وإيران ودول الخليج واوربا. ثم عاد الى العراق بعد سقوط نظام صدام سنة 2003 م.

وما إن وصل الى موطنه العراق حتى وافته المنية بعدها بفترة قصيرة، ففي يوم الإثنين 14 جمادي الأولى 1424 هـ/14 - 5 - 2003 م، في مدينة الكاظمية ببغداد. وقد شيع تشيعا مهيبا في مدينة الكاظمية، ثم في مدينة كربلاء ثم النجف حيث وارى جثمانه الثرى في مدينة أميرالمؤمنين عليه السلام في داخل الصحن المحيط بمرقد كميل بن زياد صاحب الإمام علي عليه السلام.

ب - الشيخ صالح الدجيلي

هو الشيخ صالح بن الشيخ حسن بن الشيخ محسن بن الشيخ أحمد الدجيلي بن الشيخ عبد الله الخزرجي، هاجر جدهم الأكبر الشيخ أحمد الدجيلي من مدينة الدجيل (عكبرا التاريخية) الواقعة على بعد 60 كم شمال بغداد أوائل القرن الثالث عشر إلى النجف الأشرف طلباً للدراسة ومجاورة أمير المؤمنين(ع) وهو أبن الشيخ عبد الله الخزرجي أحد شيوخ قبيلة الخزرج القاطنة في الدجيل. ولد في النجف الأشرف في محلة العمارة التي كانت تعج بالبيوت العلمية والأسر العلمائية سنة (1345هـ/1928م)، وكان لوالده الشيخ حسن دوراً بارزاً في تنشئته وتعليمه فقد شب محباً للعلوم والدرس، راغباً في الانخراط بسلك الدراسة الدينية، وبعد وفاة والده أخذ أخوه الأكبر الشاعر المعروف الشيخ أحمد الدجيلي على عاتقه تدريسه والاهتمام به وكان قد درس عليه علوم العربية ثم التحق بمدرسة منتدى النشر وواصل دراسته وبنفس الوقت كان يحضر الدروس الحوزوية فقد حضر درس الفقه عند آية الله الشيخ عباس المظفر الذي كان يلقي بحوثه في مدرسة الإيرواني بمحلة العمارة، ثم جعل يختلف إلى درس البحث الخارج عند آية الله العظمى زعيم الحوزة العلمية السيد أبو القاسم الخوئي في جامع الخضراء. أما خطابته فقد بدأ مشواره مع المنبر الحسيني بمعية الخطيب اللامع السيد جواد شبر الذي كان معروفاً في الأوساط الشعبية بمقدرته العالية وقابليته الخلاقة على إدارة المجلس بحيث يشد الأسماع إليه منذ صعوده أعواد المنبر وحتى انتهائه من إلقاء المحاضرة. وكان من الطبيعي أن يتأثر الشيخ صالح بأستاذه المفوه والمحبوب، فسار على نهجه جاعلاً من المنبر أداة للإصلاح في المجتمع العربي، الذي كان رهين الماضي المتخلف بما افرزه الاستعمار من جهة والمتطلع إلى العالمين الشرقي والغربي، حيث الأفكار الشيوعية والرأسمالية من جهة أخرى. وما أن تكاملت قدرات الدجيلي المنبرية حتى انفرد بنفسه، خطيباً متكلماً يدير المجلس وفق عرض ديني تاريخي أدبي يستسيغه الجميع، مع أمكانية هائلة في تحريك العواطف اتجاه كربلاء. إنتقلت روحه الطاهرة إلى بارئها في السابع والعشرين من شهر ربيع الأول سنة 1422هـ المصادف 20/6/2002، فدفن بمقبرة وادي السلام في النجف الأشرف